أضرم
النار في المدفأة وامتثل أمامها ينظر إليها . أطال إليها النظر متمعنا في ألسنتها حتى
تراي إليه أنه كان يقف على ضفة نهر وعلى
الجهة الأخرى من النهر كانت تقف ساكنة بخشوع وعلى شفتيها قد خطت ابتسامة ناعمة جدا
.
كان
قد تعرف إليها وبادلها الابتسام مركزا نظراته عليها فما لبث حتى شعر بها تقترب بخفة
كالريشة عابرة سطح الماء دون أن تغور قدماها في المياه . كان قد أطال التأمل بها حتى
أنه لاحظ أن وشاحاً أبيضا كان قد نسج بالصوف قد غطى كتفيها أما هي فكانت ترتدي جلابيتها
السوداء ذات النقوش الحمراء المزينة بالقليل من اللون الأخضر والمعطرة بالمسك
الأبيض و التي لطالما كانت ما ترتديها بكثرة .
دائما
ما كان ما يتساءل عن حبها لهذه الجلابية نصب عينيها وعند أطرافها إلا أنها كانت تجيبه بابتسامة
تذهب العقل وتهذب الروح .
ابتسامة
جميلة جدا .
رآها
تقترب ببطيء شديد ورائحة المسك تسبقها كما عهدها تماماً . حتى أصبحت أمامه ، ظلت
تنظر إليه بحنو فمدت كفاها البيضاوان إلى خديه تتحسسهما برفق وبحنان أم . ثم جعلت تمسح على شعره وتخلله بين أصابعها ودون
إدراك منه كان قد شعر بأنفاسها تدفئ جبينه البارد وكانت شفتاها الدافئتين قد رسمت
قبلة برقة وحنان كبيرين .
ثم
..
تلاشت
وفاح عبير مسكها الأبيض وانقضت في زاوية من زوايا الحلم .بحث بعينيه لفترة وجيزة فلم
يجد شيئا ، تنفس الصعداء فأحس برغبة في اغماض عينيه فأغمضها والدمع قد اتخذ سبيلا
نحو مقلتيه .
فإذا
به يشعر بالنار تبث حرارتها في وجهه وأطرافه قد اكتسحتها البرودة وعبير المسك الأبيض
عالق في أنفه وحبات العرق تتلألأ عند منابت شعره ودمعة حارقة كانت أخذت مجراها على
خديه . ودون أن يفتح عينيه أسند ظهره ورأسه على الكرسي للهزاز وهمس للعبير : أمي
اشتقت إليك .. !
Amani Saleh
13/11/2018